أم القرى
عدد المساهمات : 22 تاريخ التسجيل : 26/10/2009
| موضوع: المراة في شريعة الرسول صلى الله عليه واله الثلاثاء أكتوبر 27, 2009 2:49 am | |
| المرأةُ في شَريعةِ النبيّ .. ( قِيمةُ المَرأةِ في الإسلام ) المرأة هي المدرسة الأُولى في الحياة ، وهي أحَد العنصرين الأساسيّين في تكوين المجموعة البشرية ، فنحن حينما نذكر المرأة نرى أنّها مدرسة نشء ومربية أجيال ، وحينما نأتي لنتحدّث عن دورها في المجتمع نلاحظ أنّها في الواقع نقطة لانطلاق المجموعة البشرية ، ولولاها لما كان هناك بشرٌ على وجه الأرض . ونظراً لكونها المعهَد الفطري للوليد ولكون صدرها هو واهب الحياة للجيل اهتمّ الإِسلام بأنْ يلقي الضوء في شريعته وأحكامه على المرأة ومكانتها في المجتمع والحياة ، وأنْ يرتفع بها إلى مصاف الرجل لها ما له وعليها ما عليه ، بعد أنْ كانت المرأة مهضومة الحقّ في جميع الأنظمة الدوليّة التي وجِدت قبل الإسلام . حتى أنّ كثيراً من الأُمَم كان قد راج فيها وأد البنات خوفاً من عارِ وجودهن على وجه الأرض ، وكان العلماء وزعماء الديانات يبحثون ويتناقشون على طول قرونٍ عديدة ، في أنّ المرأة هل هي إنسان أو غير إنسان ، وهل تحمل روحاً أم لا ، وكانت الديانة الهندوكية مثلاً قد سدّت أبواب تعليم كتبهم المقدّسة على المرأة ؛ لعدَم جدارتها لذلك ، والديانة البوذيّة لم يكن فيها سبيل لنجاة لِمَن اتصل بامرأة ، وأمّا في الديانات النصرانية واليهودية فقد كانت المرأة هي مصدر الإِثم ومرجعه فيهما ، وكذلك اليونان فلَم يكن للمرأة عندهم أيّ نصيب من العِلم والحضارة ولا ثقافة ولا حقوق مدنية ، وعلى مثله كانت الحال في الروم وفارس والصين وما عداها من مراكز الحضارة الإنسانية ، وكان نتيجة لهذا المقت العام الذي كانت تشعر به المرأة أنّها نسيت أنّ لها مكانة اجتماعية وأنّ لها كياناً خاصّاً . ولكنّ الإِسلام هو الدين الوحيد الذي جاء لكي يعطي الصنفين ، ( الذكر والأنثى ) حقّه في الحياة ، وهو الدين الوحيد الذي أصلَح عقليّة الصنفين وبعث في الأذهان فكرة إعطاء حقوق المرأة وحفظ كرامتها ، ومن ناحيةٍ أُخرى فتَح أمامها أبواب العِلم والمعرفة وأباح لها أنْ تتعلّم ما تشاء من العلوم المقدّسة كقراءة القرآن ودراسته وتفسيره إذا أمكنها ذلك ، وقد جاء في الروايات عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ومسلمة ) ، وقد أشاد القرآن بالمرأة وخصّها في آياتٍ كثيرة تُبيّن مكانتها في المجتمع : ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )(1) ، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(2) ، ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )(3) . وذلك لكي تشعر المرأة المسلمة بمسؤوليّتها في المجتمع ، ولكي يشعر المجتمع بوجودها وباعتبارها عضواً أساسيّاً في حياته ، ولكي لا تستغل إمكانيّاتها العاطفية والتكوينيّة استغلالاً ظالماً ، وعلى هذا الأساس فإنّ المرأة
(1) سورة آل عمران آية 195 . (2) سورة النحل آية 97 . (3) سورة غافر آية 40 . المسلمة قد حصلت في ظلّ الإسلام على حقوق وإمكانيّات لم تحصل عليها أيّة امرأة سِواها ، في شتّى القوانين والتشريعات ، وقد أرتفع الإسلام بالمرأة لحسابها الخاص ولمجرّد كونها إنسانه ، وأعطاها حقّها الطبيعي في كلّ أدوار حياتها الاجتماعية ، ونحن الآن في صدَد إعطاء فكرة مختصرة عن المرأة في تشريعات الإسلام ومفاهيمه .
المَرأة جاء في الروايات الواردة عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق ( عليه السلام ) رواية ، يحدّد فيها مفهومه ومفهوم الإسلام عن المرأة فيقول : ( المرأة الصالحة خيرٌ من ألفِ رجل غير صالح ) ، وهو يقصد بها أنْ يقرّر أنّ الإنسانيّة في نظر الإسلام لها قيمة واحدة وميزان واحد للكرامة ، بقطع النظر عن كلّ الصفات الطبيعية التي يتميّز بها الأفراد ، وهذا الميزان الوحيد في نظر الإسلام هو الصلاح والتقوى ، والأفضلية عند الإسلام هي أفضلية العمل الصالح . فمهما كان الصلاح هنا متوفّراً كانت الإنسانيّة أفضل وأكمل ، ومهما أبتعد الإنسان عنه خسِر بذلك كرامته في مفهوم الإسلام كائناً من كان ، فلا الرجل بما هو رجل يفضُل المرأة ، ولا المرأة بما هي امرأة تفضُل الرجل ، ولا يتعارض هذا مع الوظائف التي وزّعت على الرجل والمرأة في الأُسرة الإسلاميّة ، ولا مع القيمومة التي أُعطيَت للرجل على المرأة فيها ، فإنّ هذه القيمومة التي اضطلع الرجل بموجبها بإدارة معاش البيت ، والحفاظ على وحدته لا تعبّر إلاّ عن توزيع طبيعي للوظائف ، في مجتمعٍ صغير وهو الأُسرة المتكوّنة من أبٍ يعيل ويحافظ وأُمّ تلِد وتربّي فهي ليست قيمومة أفضليّة ، وإلاّ لكان كلّ رجلٍ قيماً على المرأة التي يُعايشها ، وإنْ كانت أُمّه أو أُخته وليس الأمر كذلك .. هذا بعض ما عناه الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله : ( إنّ المرأة الصالحة خيرٌ من ألفِ رجلٍ غير صالح ) ، وقد أراد الإمام أيضاً أنْ يفتَح أمام المرأة مجالاً يُمكنّها فيه من أنْ تسمو بصلاحها على ألف رجل غير صالح ، وأنْ تثبت للمجتمع أنّها مؤهّلة للتفوّق على الرجال إذا تقدّمت عليهم بالتقوى والصلاح ، وانعكَس ذلك في مختلف حقول حياتها العائليّة والاجتماعية ، ولا يكفي أنْ تكون صالحة في بعض تلك الحقول دون بعض ، بل المرأة الصالحة هي التي أنشرح صدرها للإسلام ولتعاليمه ، فطهّرت روحيّاتها من عوامل الشر ، وعقمت فكرتها من شوائب الأهواء الشيطانية ، وحسنت سيرتها في محيطها الخاص ومحيطها العام ، وأغلقت أمام عواطفها جميع أبواب الحسَد والرياء والمكر والخداع ، وفتحت مشاعرها لتلقى كلّ ما هو خيرٌ وسليم ، وسلّم منها المجتمع وسلّمت منه لا تظلم مسكيناً ولا تهضم حقّاً ولا تعتدي على أحد ولا تظنّ بأحدٍ السوء ، وتحمل أختها المسلمة على سبعين محمل من الخير كما قد أوصاها به الله ورسوله ، هذه هي المرأة الصالحة التي جعل منها الإمام خيراً من ألف رجل غير صالح . وهذا هو مفهوم الإسلام عن المرأة بما هي إنسانة لها عملها الصالح الذي يرتفع بها إلى حيثما تشاء تبعاً لمدى توفّره فيها . والآن فهل لي أنْ أقول كلمةً أخيرة ، وقبل أنْ أبدأ بالبحوث الباقية فأقول : إنّ الصلاح بمعناه الحقيقي قلّما يتّفق لنا نحن بنات حوّاء ، وإنْ صادف فاتّفق لواحدةٍ منّا قام مجتمعها الظالم في إبعادها عنه أو إبعاده عنها بأيّ سبيل ، وحتى بدون أنْ تشعر هي أيضاً ، والذنب في هذا ذنبنا نحن وذنب مجتمعنا الفاسِد الذي تنعكس فيه المفاهيم ، وتنقلب القِيَم ويُتَنكّر للمُثل ، وإلاّ فإنّ أبواب الرُقيّ الحقيقي مفتوحةٌ أمامنا لا تردّ وافدةً ولا تمتنع من قبول قاصدةٍ ، وإسلامنا يعزّز ذلك ويشيد فيه ويدعو إليه . | |
|